بقلم الدكتورة تاز بهاتيا، طبيبة معتمدة

الهيبُوجلايسيميا أو انخفاض السكر في الدم هي حالة تعرّضنا لها جميعا في مرحلة ما من حياتنا. ومع ذلك، إذا استمر نقص السكر في الدم، فقد يكون علامة على حالات أكثر تطورًا مثل مرض السكر أو حتى التهاب المفاصل. إذن، ما هي الهيبُوجلايسيميا بالتحديد؟ — وكيف نعالِج هذه الحالة التي استمرت لتلك الفترة الطويلة؟ أعتقد أنَّه ينبغي علينا اتباع نهج تكاملي لعلاج الهيبُوجلايسيميا عن طريق استهداف اختلال وظائف الجسم للمساعدة في الحفاظ على مستوى السكر بالدم وتحسين الصحة بشكل عام.  

ما هي الهيبُوجلايسيميا؟

الهيبُوجلايسيميا هي حالة تحدث عند انخفاض مستويات السكر أو الجلوكوز في الدم. والجلوكوز هو مصدر الطاقة والمغذّيات في الجسم، لذلك فإنَّ انخفاض مستواه يحد عمل الجسم على النحو الأمثل وقد يتسبّب في ظهور العديد من الأعراض بما في ذلك الدوخة ونوبات الإغماء والتشويش الذهني وضعف العضلات.

عندما نتناول الأطعمة التي تحتوي على مستويات عالية من الجلوكوز مثل الحلوى والمخبوزات والباستا وبعض أنواع الفواكه، يتم امتصاص الجلوكوز في الدم وتوزيعه على مختلف أجزاء الجسم  بما في ذلك القلب و المخ من أجل الحصول على الطاقة. يستجيب البنكرياس لهذه الكمية من السكريات بإفراز هرمون يُسمى الأنسولين الذي يساعد على معالجة وتكسير الجلوكوز في جميع أنحاء الجسم. كما يُساعد الأنسولين خلايا الجسم على امتصاص الجلوكوز وتوجيه الفائض منه إلى الكبد للتخزين أو التمثيل الغذائي.

عندما تنخفض مستويات الجلوكوز في الدم، عادةً ما يُرسل هرمون يُدعى الجلوكاجون إشارات إلى الكبد لإطلاق الجلوكوز المخزّن والحفاظ على استقرار مستوى السكر في الدم. ولكن إذا توقفت أي خطوة في هذه العملية أو تعطّلت، يختل استقرار مستويات السكر في الدم وتظهر أعراض الهيبُوجلايسيميا.

ينقسم انخفاض سكر الدم عادة إلى نوعين: تفاعلي وغير تفاعلي.

  • عادة ما تظهر أعراض انخفاض سكر الدم التفاعلي بسبب الإفراط في إنتاج الأنسولين والذي قد يحدث نتيجة استهلاك الأطعمة والمشروبات المحتوية على نسب عالية من السكر والكربوهيدرات المكرّرة. وهذا يجبر الجسم على سرعة إنتاج الأنسولين لتكسير كل ذلك السكر. يمكن أن تظهر تلك الأعراض في غضون ساعات قليلة من تناول الوجبة.
  • ليس من الضروري أن تتزامن أعراض انخفاض سكر الدم غير التفاعلي مع تناول الوجبات. ولكنّها تتأثر أكثر بعوامل أخرى مثل التاريخ العائلي والأمراض الأخرى التي يكافحها الجسم. إذا كنت تعاني من أي اضطراب في الكبد أو الكلى أو حتى القلب، فقد لا يُعالج جسمك الجلوكوز بشكل صحيح مما يتسبّب في انخفاض السكر في الدم.   

علامات وأعراض نقص السكر في الدم

تتنوّع أعراض نقص السكر في الدم وتختلف من شخص لآخر تمامًا كما تتنوّع أسباب نقص السكر في الدم وتختلف من شخص لآخر. ومع ذلك، يشترك معظم مرضى نقص السكر في الدم في شيء واحد ألا وهو مواجهتهم لأعراض انخفاض سكر الدم في مرحلة ما من حياتهم. والأعرَاض الأكثر شيوعًا هي:

  • الجوع: هل تصدر معدتك أصوات القرقرة طوال اليوم؟ عادة ما تكون هذه علامة على انخفاض السكر في الدم واحتياج جسمك الشديد للطعام.
  • التشويش الذهني: إذا كنت تفقد تركيزك بسهولة أثناء العمل، فقد يكون السبب هو نقص السكر في الدم. ويذكر مرضى التشويش الذهني تعرّضهم للارتباك وبطء الفهم وضبابية التفكير.  
  • الإجهاد: أحد الأعراض البارزة! الشعور بالتعب والإنهاك ومشاكل في النوم والشعور بآلام في الجسم في نهاية اليوم قد يعني انخفاض نسبة السكر في الدم لديك.
  • التقلّبات المزاجية: إذا كنت تتعرّض باستمرار إلى تقلبات مزاجية طوال اليوم أو إذا أصبت حتى بنوبات الصداع بسبب تلك التقلبات، فقد يشير ذلك إلى عدم توازن مستوى السكر في الدم لديك.
  • نوبات الدوار أو الدوخة: هل شعرت يومًا ما بالدوار أثناء تجولك في المدرسة أو في العمل؟ ماذا عن نوبات الإغماء؟ انخفاض نسبة السكر في الدم قد يسبّب تلك الأعراض.   
  • القلق: هل تشعر بالتوتر حقًا طوال اليوم؟ نتعرّض جميعًا لضغوط في حياتنا، ولكن إذا استمر شعور القلق والتوتر طوال اليوم، فقد يكون لديك نقص في مستوى السكر بالدم. وقد يكون تخطّي الوجبات أيضًا سببًا لنقص السكر في الدم وتذبذب مستواه على مدار اليوم. وقد يبدو ذلك غير متوقع ولكن الإفراط في استهلاك الكحول قد يؤدي إلى انخفاض سكر الدم مع مرور الوقت أيضًا. فالكُحول قد يؤدي إلى سرعة تدفق السكر في الدم ولكن بشكل مؤقت، فبعد مرور بضع ساعات تبدأ مستويات السكر في الهبوط.         

من هم المعرّضون لخطر الإصابة بالهيبُوجلايسيميا؟

من الناحية التقنية، الجميع معرّضون لخطر الإصابة بالهيبُوجلايسيميا. فقد تظهر أعراض نقص السكر في الدم على كل من الأطفال والكبار على حدٍ سواء في أي عمر وخاصة إذا كان نظامهم الغذائي غنيًا بالسكر والكربوهيدرات. وينبغي أن نضع في الاعتبار أيضًا أنَّ الهيبُوجلايسيميا قد تكون وراثية شأنها شأن مرض السكر بحيث تكون عرضة لمقاومة الأنسولين إلى جانب انخفاض السكر في الدم.  

العلاجات التقليدية للهيبُوجلايسيميا

توصي الجمعية الأمريكية لمرض السكري بتناول 15-20 جرامًا من الكربوهيدرات (من أجل الجلوكوز) ومن ثمّ مراقبة نسبة السكر في الدم لمدة 15 دقيقة للكشف عن سرعة ارتفاع السكر في الدم. إذا استمر انخفاض السكر في الدم، ينبغي تكرار هذا النظام حتى يستعيد السكر توازنه في الدم. كما يوصى بتناول وجبة خفيفة أو وجبة كاملة بمجرد أن تصبح مستويات السكر طبيعية في الدم بحيث يستفيد جسمك من العناصر الغذائية ولا تصبح معدتك فارغة.

نهج تكاملي للوقاية من الهيبُوجلايسيميا

تركّز معظم أساليب العلاج الحالية على علاج الهيبُوجلايسيميا، غير أنَّ النهج التكاملي يركّز بشكل أكبر على الوقاية منه. وهناك بضعة أشياء يمكنك القيام بها للحفاظ على صحة جسمك ومنع أو تقليل أعراض الهيبُوجلايسيميا، ألا وهي:

1. تأكّد من تناول الأطعمة الغنية بالبروتين والألياف والمنخفضة في السكريات.

  • أدخل البروتين الخالي من الدهون في كل طبق قد تكون الأسماك والبيض والتوفو والتيمبي وأي نوع من اللحوم أو البدائل النباتية التي تريد إدخالها في نظامك الغذائي مفيدة للغاية. استبدل الزبدة والسمن النباتي بزيت جوز الهند وزيت الزيتون وزيت الأفوكادو في الطبخ لإضافة المزيد من الدهون الصحية التي تحافظ على استقرار  نسبة السكر في الدم لفترة أطول.
  • جرّب تناول وجبات ووجبات خفيفة أصغر حجمًا ولكن أكثر تواترًا على مدار اليوم. أوصي بتناول المكسّرات أو المكسّرات المخلوطة (عدا إم آند إمز) كوجبة خفيفة في العمل أو المدرسة لأنها مشبعة وغنية بالبروتينات.
  • قلّل كمية المشروبات السكرية والحلويات التي تتناولها لأنها ستزيد مقاومة الأنسولين لديك.

2. تناول الكربوهيدرات الجيدة.

  • ليست كل الكربوهيدرات سيئة! والكربوهيدرات الجيدة التي يُفضّل إدخالها في نظامك الغذائي هي الأرز البني والبقوليات والبطاطا الحلوة والفاصولياء. استبدِل الكربوهيدرات المكررة كالمثلجات أو الكعك ببدائل صحية للحفاظ على مستوى السكر في الدم طوال اليوم.
  • زوّد جسمك بالكربوهيدرات الجيدة بحيث يكون لديك مخزون من الجلوكوز عندما تخرج للمشي أو ممارسة الرياضة في الجيم حتى لا تشعر بالدوخة أو الدوار.
  • تجنّب الأطعمة السريعة أو المقلية  والمشروبات عالية السكر والمشروبات الكحولية والأطعمة المُعالجة التي يمكن أن تزيد مستوى الجلوكوز في الدم.

3. تناول مكمّلات غذائية طبيعية

هناك بعض المكمّلات الغذائية التي يمكن أن تساعد في تعزيز نسبة السكر في الدم والحفاظ على استقرار مستوى الأنسولين. إليك بعضها:

  • الكروم: يعمل هذا العنصر الشحيح مع الأنسولين للمساعدة في تقليل مقاومة الأنسولين ومعالجة الجلوكوز بفعالية. ومن المعروف أنَّ لديه تأثيرات مضادة للالتهاب ومضادة لانخفاض سكر الدم في الجسم. سيمنحك أي نوع مثل بيكولينات الكروم أو الكروم GTF جرعة الكروم التي تحتاجها للحفاظ على نسبة السكر في الدم. ولا ينبغي تناول هذا المكمّل على معدة فارغة.  
  • السبيرولينا : مكمّلات السبيرولينا رائعة في تقليل اشتهاء الحلوى والحفاظ على توازن مستويات السكر في الدم. وهي فعالة في منع انخفاض السكر في الدم سواء أتناوَلتها على شكل أقراص أو مسحوق ولكنّي أفضّل إضافة السبيرولينا إلى السموثي الذي أتناوله في الصباح والمكوّن من الموز والفراولة ومسحوق البروتين وزيت جوز الهند بحيث أضبُط مستوى سكر الدم من بداية اليوم.  
  • بروتين مصل الحليب: يزوّد بروتين مصل الحليب الجسم بالأحماض الأمينية اللازمة مثل الجلوتامين والذي يساعد على استقرار مخزون السكر في جسمك. وهذا قد يساعد في منع  تقلب مستوى السكر في الدم. إذا كنت لا تتحمّل بروتين مصل اللبن، يمكنك تجربة بروتين الأرز أو بروتين القنب بدلًا منه.  
  • أحماض أوميغا 3: تساعد الدهون الصحية مثل أحماض أوميغا 3  الجسم على تخزين العناصر الغذائية بكفاءة أكبر بحيث لا تعاني من ارتفاع وانخفاض مستوى السكر في الدم. كما تقلّل أحماض أوميغا 3 الدهنية أيضًا مثل زيت السمك أي التهاب قد يحدث بسبب الهيبُوجلايسيميا وانخفَاض سكر الدم.
  • جذر الهندباء: إنَّه ممتاز في الحفاظ على مستويات سكر الدم ودعم البنكرياس. جرّب تناول شاي الهندباء عدة مرات خلال اليوم أو اخلِطه بالسمُوثي المفضّل لديك.
  • الحرشف البري:  إنَّه مفيد أيضًا في دعم الكبد والبنكرياس والحفاظ على مستوى الجلوكوز السليم في الدم. يُنصح بتناول 200 ملغ منه يوميًا.

المراجع:

  1. http://www.diabetes.org/living-with-diabetes/treatment-and-care/blood-glucose-control/hypoglycemia-low-blood.html
  2. https://www.healthline.com/health/hypoglycemia-without-diabetes#diagnosis
  3. https://draxe.com/hypoglycemia-symptoms/
  4. http://www.nationalnutrition.ca/HEALTHCONCERNS_HYPGLYCEMIA.aspx
  5. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4310066/
  6. https://www.chrysalisnaturalmedicine.com/hypoglycemia/