هل يعاني الذكور من حالة فسيولوجية مشابهة لتلك التي تعاني منها النساء أثناء مرحلة انقطاع الحيض؟ يُشار إلى هذه الحالة باسم "إياس الذكور" أو "انخفاض مستوى التستوستيرون"، ولها بعض التشابهات السطحية لحالة انقطاع الحيض لدى النساء. ولكن، وفي حين أن جميع النساء تعانين من مرحلة انقطاع الحيض، إلا أنه لا يعاني جميع الرجال من مرحلة إياس الذكور.

ما المقصود بإياس الذكور؟

يعكس إياس الذكور ظهور علامات وأعراض ترتبط بالانخفاض البطيء، والثابت في الوقت نفسه، لهرمون التستوستيرون ودِيهيدرو إيبي آندرُوستِيرُون لدى الرجال في مرحلة منتصف العمر. وينخفض هرمون التستوستيرون بشكل طبيعي لدى الرجال بتقدم العمر، ولكن في حالة إياس الذكور أو حسب المصطلح العلمي الأكثر دقة "قصور الغدد التناسلية"، فإن مستويات الهرمون تنخفض دون المستوى الطبيعي لها في هذه المرحلة العمرية.

في حالة لم تشاهد أي إعلانات في الصحافة أو التلفزيون بخصوص "انخفاض هرمون التستوستيرون"، فإن ثمة حملة كبيرة يقودها موردو المستحضرات الطبية المعنية بهرمون التستوستيرون من أجل إيقاف الرجال في شرك العلاجات السريعة للتستوستيرون. ويكفي القول إن هذه المنطقة بأكملها المعنية بإياس الذكور وانخفاض هرمون التستوستيرون بها الكثير من حالات الجدل.

أعراض انخفاض هرمون التستوستيرون لدى كبار السن من الرجال

هل تؤدي المستويات المنخفضة من إنتاج هرمون التستوستيرون إلى ظهور الأعراض على الرجال في منتصف العمر؟ بالتأكيد. في الواقع، تم التعرف على الأعراض الكلاسيكية منذ أكثر من 70 عامًا عندما أظهر الطبيبان الأمريكيان، كارل هيلر وجوردون مايرس، فعالية علاج التستوستيرون بالنسبة للأعراض الإجهاد، والاكتئاب، وسرعة التهيّج، وانخفاض الرغبة الجنسية، وضعف الانتصاب، والتعرّق أثناء النوم ليلاً، والسخونة المفاجئة.

واكتشفت الدراسات التالية التي أُجريت على مدار السنوات أن بعض الرجال، وليس كلهم، ممن يعانون من انخفاض مستويات هرمون تستوستيرون مقارنة بالمرحلة العمرية قد عانوا من تلك الأعراض، وقد شهدوا تحسّنًا مع تناول علاج التستوستيرون.

ما أسباب انخفاض هرمون التستوستيرون؟

تنخفض مستويات التستوستيرون طبيعيًا بنسبة 10% كل عقد بعد تجاوز سن 30 عامًا أو نحو 1% كل عام تقريبًا. وهذا أمر طبيعي، أما غير الطبيعي فهو انخفاض مستويات التستوستيرون أسرع من هذا المعدل. وتوجد العديد من العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى انخفاض التستوستيرون، منها:

  • السمنة، وداء السكري، ومقاومة الأنسولين من الأسباب الرئيسية لانخفاض مستوى التستوستيرون في وقتنا هذا. وينخفض مستوى التستوستيرون الكلي والحر لدى الرجال الذين يعانون من السمنة بالتناسب مع مستوى السمنة التي يعانون منها. وما يزيد الأمر سوءًا هو زيادة هرمون الاستروجين.
  • تمثل الالتهابات المزمنة عامل خطر آخر لهرمون التستوستيرون. بينما تمثل مقاومة الأنسولين العامل الرئيسي في حدوث تلك الالتهابات الصامتة وارتفاع مستويات بروتين C التفاعلي عالي الحساسية (hsCRP).
  • زيادة التعرّض إلى هرمون "زينواستروجين" - المركبات الموجودة في الغذاء والبيئة التي لها آثار استروجينية، وتشمل: مبيدات الحشرات والفثالات (البلاستيك) والمواد الناتجة عن تدخين التبغ والمعادن الثقيلة (الرصاص والزئبق وغيرهما) والمذيبات المختلفة. ويعزز هرمون "زينواستروجين" من آثار الاستروجين لدى الرجال ما يؤدي إلى خفض إنتاج هرمون التستوستيرون.
  • عدم ممارسة الأنشطة البدنية. على الجانب العكسي، أحد أسرع الطرق لتعزيز إنتاج التستوستيرون هي الممارسة المنتظمة للتمرينات المكثفة قصيرة المدة، لا سيما رفع الأثقال.
  • الإجهاد له تأثير سلبي على مستويات التستوستيرون عن طريق زيادة إفراز الكورتيزول هرمون الأدرينال.

تعزيز التستوستيرون

النهج الأفضل لتعزيز مستويات هرمون التستوستيرون لدى الرجال الذين يعانون من انخفاض مستواه هو معالجة المشكلات المسببة لذلك عن طريق تحسين عمل الأنسولين والوصول إلى الوزن المثالي للجسم وتحسين التحكم في مستوى السكر في الدم. وأظهر فقدان الوزن وحده تحسنًا في زيادة مستويات التستوستيرون بنسبة 50%. وبعيدًا عن تلك التدابير الأساسية، هناك عدد من المنتجات الطبيعية التي يمكن أن تكون مفيدة:

  • الزنك هو أحد المعادن الزهيدة الأساسية للوظيفة الجنسية لدى الرجال وهو موجود بتركيزات عالية في البروستاتا والخصيتين، وموجود بشكل خاص بكميات كبيرة أيضًا في المنيّ (يُفقد نحو 5 مجم من الزنك في كل مرة قذف). ويوجد الزنك بشكل ظاهري في جميع نواحي العمليات الجنسية للرجال، بما في ذلك أيض التستوستيرون. وتدعم العديد من الدراسات استخدام مكملات الزنك في علاج انخفاض عدد الحيوانات المنوية، لا سيما عند انخفاض مستويات التستوستيرون. وفي تلك الدراسات، أثبت الزنك قدرة على رفع عدد الحيوانات المنوية ومستويات التستوستيرون. يمكن أن يعاني العديد من الرجال من انخفاض مستوى التستوستيرون بسبب عدم وجود مستويات كافية من الزنك. ويوصى بتناول مقدار يتراوح بي 30 إلى 45 مجم من مكمل الزنك يوميًا لضمان الحصول على المستويات الملائمة له.
  • الحلبة تحتوي على عدد من السترويدات النباتية النشطة، أكثرها شهرة الفينوسيد والبروتوديوسين. أظهرت خلاصة الحلبة نتائج واعدة في تحسين الرغبة الجنسية ومستويات التستوستيرون في العديد من الدراسات السريرية البشرية. وفي دراسة واحدة مزدوجة التعمية، أبلغت المجموعة التي تناولت يوميًا 600 مجم من خلاصة الحلبة الخاصة تحسنًا في الرغبة الجنسية (5%) ووقت الاستشفاء (66.7%) وقوة الأداء الجنسي (63%) فضلاً عن تأثيرها المعتدل في تعزيز مستويات التستوستيرون. وفي دراسة أخرى، تناول 50 رجلاً تتراوح أعمارهم بين 35 و65 عامًا 500 مجم في اليوم من خلاصة الحلبة تحتوي على 20% من البروتوديوسين. تحسّنت مستويات التستوستيرون الحرة بنسبة 46% لدى 90% ممن شاركوا في الدراسة.
  • يوريكوما لونجيفوليا (أو عصا علي) هي نبتة يرجع أصلها إلى ماليزيا، وتعزز بشكل كبير من هرمون التستوستيرون والأداء الجنسي. توجد بعض الأدلة التي تدعم تلك المطالبات مع بعض الشواغل حيال المنتجات المزيفة المطروحة في السوق. وفي دراسة أُجريت على الرجال الذين يعانون من انخفاض مستوى التستوستيرون، أظهر تناول جرعة تبلغ 200 مجم من خلاصة عصا علي القابلة للإذابة في الماء زيادة بنسبة 46% في إجمالي مستويات هرمون التستوستيرون مع وصول 90% ممن خضعوا للدراسة إلى المستويات المقبولة لهرمون التستوستيرون ضمن نطاق فئتهم العمرية. وفي دراسة أخرى، تناول ثلاثة عشر رجلاً نشطين بدنيًا (تتراوح أعمارهم بين 57 - 72 عامًا) جرعة قدرها 400 مجم من خلاص عصا علي يوميًا لمدة 5 أسابيع حيث أظهروا زيادة بنسبة 15% لهرمون التستوستيرون في الدم وزيادة 61% في مستويات التستوستيرون الحر. ولوحظت أيضًا نتائج إيجابية لتحسين عدد الحيوانات المنوية والصحة الجنسية .
  • تريبولوس تيريستريس (تريبولوس) اُستُخدم منذ زمن في الطب الهندي القديم كمنشط ومثير للشهوة الجنسية، وفي الطب الشعبي الأوروبي لزيادة القدرة الجنسية. وفي حين أن الدراسات التي أُجريت على الرجال الأصحاء الذين يتمتعون بمستويات طبيعية من هرمون التستوستيرون لم تظهر أن التريبولوس يزيد من مستويات التستوستيرون، فإن هناك بعض الأدلة السريرية بأنها مادة فعالة في زيادة مستويات التستوستيرون لدى الرجال الذين يعانون من انخفاض مستوى التستوستيرون. وأظهرت دراسة أُجريت في عام 2012 أن تناول 6 جرامات من جذر التريبولوس لمدة 60 يومًا زاد من مستويات التستوستيرون بمقدار 16% وحسّن من الانتصاب وتكرار الممارسة الجنسية لدى الرجال الذين يعانون من انخفاض عدد الحيوانات المنوية. الجرعة اليومية النموذجية من جذور التريبولوس هي 100 إلى 250 مجم في اليوم.
  • الكريسين هو أحد الفلافونويد التي ثبت أنها من مثبطات إنزيم الأروماتاز الذي يحول التستوستيرون إلى استروجين. ويتوفر الكريسين كمكمل غذائي، ولكنه منخفض من ناحية التوفر البيولوجي. ويمكن أن تحتوي المصادر الطبيعية، مثل غذء ملكات النحل والبروبوليس (عكبر النحل) على عوامل أخرى تحسن من الامتصاص. وأنا أفضل حقًا استخدام الرويال جيلي لمن يعانون من انخفاض مستوى التستوستيرون بالرغم من عدم إجراء أي تحقيقات سريرية بشأن استخدامه. ويُنتج النحل الحاضن غذاء ملكات النحل حيث يمزج العسل وحبوب اللقاح مع الإنزيمات في غدد حناجرهم من أجل إنتاج مادة سميكة لبنية يُطعمونا إلى ملكات النحل. غذاء ملكات النحل هو أحد أنواع الغذاء الأكثر تركيزًا حسب حجم ملكة النحل ومقدار الإباضة وقوة التحمل وطول العمر. وركزت التحقيقات العلمية التي أُجريت على الخصائص المعززة للصحة التي يتمتع بها غذاء ملكات النحل على قدرته على خفض مستويات الكولسترول في الدم، ولكن أظن أن له فوائد أكبر بكثير من ذلك. الجرعة النموذجية هي 50 إلى 100 مجم كل يوم.
  • الماكا أصبحت تتمتع بشهرة متزايدة. الماكا هو الاسم الشائع لنبتة ليبيديوم مييني، وهي نبتة ضمن عائلة البروكلي التي تنمو حصرًا في بيرو. وهي تشبه اللفت كثيرًا. أحد أكثر الفوائد التي تشتهر بها الماكا هي تعزيز الرغبة الجنسية والقدرة لدى الرجال والنساء. وتؤكد التجارب السريرية هذه الخصائص، بما في ذلك فوائد الماكا على وظيفة الانتصاب. ولم يرد أن الماكا لها أي تأثيرات مباشرة على مستوى التستوستيرون، ولكنها في المقابل تؤثر على نظام الغدد الصماء بأكمله من أجل خفض التأثيرات الضارة للإجهاد مع تحسين المزاج العام والقدرة وقوة التحمل. ثمة العديد من الأشكال والأنواع المختلفة للماكا. وبالنسبة للصحة العامة، أفضل مسحوق الماكا الخام، لا سيما المحصول عليه من الجذور السوداء. وعند الرغبة في الحصول على تأثيرات أقوى، يوصى في كثير من الأحيان باستخدام الخلاصات المصنوعة من الدرنات الكاملة التي تم تحويلها إلى هلام (إزالة النشا منها). الجرعة اليومية النموذجية من الماكا هي 3 إلى 6 جرامات.

الشيخوخة ونمط الحياة

ثمة العديد من الخيارات في الطب الطبيعي للرجال لتحسين حالة انخفاض مستوى التستوستيرون والرغبة الجنسية والأداء الجنسي. ومع ذلك، من الضروري وجود توقعات واقعية إلى جانب بعض الحس السليم. فإذا كان الرجل يعاني من زيادة الوزن أو لا يمارس التمرينات الرياضية ويعاني من الإجهاد الكبير بسبب عوامل النظام الغذائي ونمط الحياة، فعلى الأرجح لن تؤثر تلك المنتجات الطبيعية تأثيرًا حقيقيًا ولن يصل إلى ما يرنو إليه.